طروادة: مدينة قديمة في آسيا الصغرى (تركيا حاليا), ذاعت شهرتها من خلال أساطير الإغريق الأوائل. وتدعى أيضا إليومِ. وتروي الإلياذ والأوديسة, وهما ملحمتان تنسبان إلى الشاعر الإغريقي هوميروس (هومر), كذلك الإنيادة,الملحمة التي كتبها الشاعر الروماني فيرجيل,قصة عن طروادة,قد لاتكون صادقة إلا بشكل محدود.وقد سِّميت المدينة باسميها نسبة إلى إلوس,مؤسسها الأسطوري, وتروس والد إلوس.
طروادة الأسطورية: مدينة كبيرة كان يحكمها الملك "بريام". ويروى أن" باريس" ابن الملك حكِّم في منافسة جمال بين المعبودات الإغريقيات ""هيرا و أثينا و وأفروديت"", فاختار للفوز أفروديت إذ كانت قد وعدته بأن تزوجه أجمل امرأة في العالم. قام "باريس" بعد هذه المنافسة.بزيارة"مينلاوس" ملك أسبرطة,فوقع في غرام زوجته "هيلين" التي كانت قد عرفت بأنها أجمل امرأة في العالم. فأخذ"باريس"هيلين" معه إلى طروادة,مما أغضب منيلاوس.وأقسم شعب الإغريق, _الذين يسميهم "هوميروس" الآخيين_,على الإنتقام من "باريس",ومن شعب طروادة,....وهكذا انطلقت حملةُ قادها "أغامنون" أخو "منيلاوس" وضمت إلى جانبه كلا من " أخيليوس(أخيل)" و"أوديسيوس(يوليسيس كما في اللاتينية) وكثيرا من أبطال الإغريق الآخرين.
حاصر الإريقطروادة مدة عشر سنوات إلا أنهم أخفقوا في الإستيلاء على المدينة التي كانت محصّنة بأسوار حجرية عالية. وأخيرا أمر "أوديسيوس" العمال بصنع حصان خشبي ضخم, اختبأ في داخله عدد من الجنود الإغريق, بينما تظاهر بقية الإغريق بالإبحار بعيدا, تاركين الحصان قائما خارج أسوار المدينة.
أثار الحصان فضول الطرواديين,فسحبوه إلى داخل المدينة على الرغم تحذيرات الكاهن الطروادي "لاوكوون" لهم بألا يفعلوا ذلك.
وفي تلك الليلة تسلل الجنود الإغريق خارجين من جوف الحصان, وفتحوا بوابات المدينة أمام بقية القوات الإغريقية, لدخول طروادة. وهكذا نفذ الإغريق مذبحة ذهب ضحيتها شعب طروادة, ونهبوا المدينة وأحرقوها. وقد نجا "إينياس", بطل ملحمة الإنيادة ل"فيرجيل" إلى جانب عدد قليل من الطرواديين من هذه المذبحة بينما قتل "باريس" في هذه الحرب وعادت "هيلين" إلى "منيلاوس".
طروادة الحقيقة: فيما عدا هذه فإن ماهو معروف عن تاريخ طروادة قليل وعلماء الآثار يعرفون أن طروادة أسّسَت في أوائل العصر البرونزي , الذي ابتدأ في آسيا الصغرى نحو 3000ق.م.
وتقوم المدينة على سهل مرتفع بسهل خصيب, ويقع في شمال غربي تركيا الحالية وكانت قريبة من الطرف الجنوبي للمضيق المعروف الآن باسم الدردنيل , والذي كان يسمى "هيلسبونت". وقد اكتشف علماء الآثار تسع مدن بنيت في موقع طروادة, كانت كل مدينة تالية منها تبنى على أنقاض المدينة التي سبقتها. كانت كل من طروادة الثانية وطروادة السادسة,بضفة خاصة, مدينتين غنيتين.فقد اشتغل الطرواديين بالزراعة وبتربية الأغنام وبإنتاج السلع الصوفية, كما تاجروا مع المسِّينيين الذين كانوا يعيشون في بلاد الإغريق, ومع شعوب أخرى تعيش بامتداد سواحل آسيا الصغرى المطلة على بحر إيجة.ولايعرف العلماء إلا القليل عن حرب طروادة الحقيقية, إذ وجد علماء الآثار دلائل على أن الإغريق ربما كانوا قد هاجموا طروادة, ودمروها في حملة مماثلة لتلك التي وصفتها الإلياذة. إلا أن سبب تلك الحرب ظل غير معروف. ويعتقد علماء اليونان أن طروادة سقطت حوالي العام 1184ق.م,بينما يظن كثير من علماء الآثار أن المدينة السابعة التي قامت على موقع طروادة هي المدينة التي كتب عنها في الأدب الإغريقي القديم. ويعتقد هؤلاء العلماء أن هذه المدينة قد دمرت نحو عام 1250ق.م.
طروادة الأثرية: كان أول عالم آثار يقوم بدراسة طروادة ألمانيّا يدعى (هنريتش شيلمان) بعد أن لاحظ أشخاص آخرون وجود كومة ركامية صغيرة,على بعد ستـــ 6ــة كيلومترات من الدردنيل, وقد بدت مناسبة لأن تكون هي الموقع الجغرافي لطروادة كما وصفتها الإلياذة.وقد كانت كومة الركام هذه تسمى(هِسارليك). وهكذا شرع (شيلمان), سنة 1870م, بالحفر هناك. فوجد دلائل على وجود عدة مدن بنيت في هذا الموقع, على امتداد فترة زمنية طويلة, كما اكتشف عند نهاية الحفريات خرائب مدينة قديمة ذات أسوار ضخمة , وبيوتا مبنية بناءً حسناً, وكنوزا مخبأة من ذهب وفضة. واعتقد (شيلمان) خطأ ,أن هذه المدينة التي سماها طروداة الثانية, هي طروادة نفسها التي وصفها "هوميروس".
وفي تسعينات القرن التاسع عشر الميلادي,قام عالم الآثار الألماني ( فِلهِِِِِلم دوربفِلد), وكان مساعداَُ ل(شيلمان)من قبل بإجراء حفريات أخرى في طروادة. وكان هو الباحث الأول الذي تعرف على وجود تسع مدن كانت تقع في الموقع نفسه. واعتقد (دوربفلد) أن المدينة السادسة منها هي المدينة نفسها التي ورد ذكرها في إلياذة "هوميروس" وكانت هذه المدينة التي أطلق عليها اسم طروادة السادسة, أكبر من سابقاتها, وكانت محصنة بأسوار عالية, وبيوتها فسيحة ومستطيلة الشكل, وقد تكون قد بنيت حول قصر مركزي.
وفي عام 1032م, ابتدأ (كارل بليجن), وهو عالم أمريكي من جامعة _سنسناتي_بأوهايو_ في الولايات المتحدة الأمريكية ابتدأ حملة بحث جديدة في طروادة.واستمرت دراسته مدة ســ 6 ـت سنوات , أكد إثرها النتائج التي كان (دوربفلد) قد توصل إليها,باستثناء أن (بليجن) اعتقد أن المدينة السابعة هي طروادة الأسطورية.
فوفقاً ل(بليجن) مثلت طروادة السادسة مرحلة رئيسية من مراحل تطور المدينة, على الرغم من أنها طروادة المذكورة في الأساطير الإغريقية. وقد تميزت هذه المرحلة بقدوم مهاجرين إليها شاركوا (المسينين) في اليونان في كثير من خصائصهم الحضارية. وقد دمِّرت طروادة السادسة نتيجة زلزال وقع في القرن الرابع عشر قبل الميلاد. أما المدينة التالية والتي يطلق عليها علماء الآثار اسم طروادة السابعة, فكانت ذات بيوت غير متقنة ومتزاحمة,كما كانت أقل ازدهاراً من المدن الطروادية التي سبقتها, وقد نهبت طروادة السابعة وأحرقت, وعلى الرغم من أن (بليجن) كان يعتقد بأن طروادة السابعة هي المدينة الأسطورية , إلا أن علماء الآثار لم يتمكنوا من إثبات ما إذا كانت هذه المدينة هي المدينة القديمة نفسها.
وخلال الفترة من القرن الثاني عشر إلى القرن الثامن عشر قبل الميلاد, لم يعش أحد في موقع طروادة. بينما قام بعض المستوطنين الإغريق في نحو القرن الثامن قبل الميلاد ,ببناء قرية صغيرة هناك, وبنيت آخر مدينة في هذا الموقع وهي طروادة التاسعة في القرن الرابع قبل الميلاد, وأطلق عليها الإغريق اسم إِليوم وقد استمرت إليوم نحواً من سبعة قرون, وهجرت في نحو عام 400م, وظلت غير منبوشة حتى اكتشفها (شيلمان).