فقيرة هي تلك القلوب التي لا تنبض شرايينها وأوردتها بالحب
ولا تتفجر من أعماقها ينابيع العطاء
وما هي إلا صخور جرداء
لا تتفجر منها قطرة ماء
ولا تنبت في زواياها نبتة خضراء
وإذا ما هطلت عليها أمطار عواطف الآخرين
سرعان ما تنزلق عنها لأنها مغلقة من جميع جهاتها
وليس بها منفذ يسمح بدخول شيء من المشاعر والأحاسيس إليها أو الخروج منها
فقيرة هي تلك القلوب التي تجافي ولا تسامح
فخلت من الألفة والطمأنينة والمؤانسة
وما هي إلا حديقة تساقطت أوراق أشجارها
وذبلت ورودها على أغصانها
كلاً يبحث عن السعادة ولكن
للعالم الإسكافي كتاب بعنوان ( لطف التدبير ) وهو كتاب
جم الفائدة , أخاذ جذاب , مؤدى الكلام فيه البحث عن
السيادة والسعادة والريادة , فإذا الاحتيال والمكر والدهاء
وضرب من السياسة , وأفانين من الالتواء , فعلها كثير
من الملوك والرؤساء , والأدباء والشعراء , وبعض العلماء
كلهم يريد أن يهدأ وأن يرتاح ,وأن يحصل على مطلوبه
حتى إنه من عناوين هذا الكتاب :
في لطف التدبير , تسكير شغب , وإصلاح نفار أو ذات
بين , ماذا يفعل المنهزم , في مكائد الأعداء , مكايدة
صغير لكبير, في دفع مكروه بقول , في دفع مكروه
بمكروه , في دفع مكروه بلطف , في لطف التدبير في
دفع مكروه ,في مداراة سلطان , في الانتقام من سالب
ملك , في الخلاص من نقمة , في الفتك والاحتراز منه
في إظهار أمر لإخفاء غيره . إلى آخر تلك الأبواب .
وجدت أن الجميع يبحثون عن السعادة والاطمئنان
ولكن قليل منهم من اهتدى إلى ذلك ووفق لنيلها .
وخرجت من الكتاب بثلاث فوائد :
- الأولى : أن من لم يجعل الله نصب عينيه , عادت
فوائده خسائر , وأفراحه أتراحاً , وخيراته نكبات .
{ سنستدرجهم من حيث لا يعلمون } .
الثانية : أن الطرق الملتوية الصعبة التي يسعى إليها كثير
من الناس في غير الشريعة , لنيل السعادة يجدونها -
بطرق أسهل وأقرب - في طريق الشرع المحمدي .
{ ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً }
فينالون خير الدنيا وخير الآخرة .
- الثالثة : أن أناساً ذهبت عليهم دنياهم وأخراهم , وهم
يظنون أنهم يحسنون صنعاً , وينالون سعادة , فما ظفروا
بهذه ولا بتلك , والسبب إعراضهم عن الطريق الصحيح
الذي بعث الله به رسله , وأنزل به كتبه , وهي طلب
الحق , وقول الصدق .
{ وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته }.
كان أحد الوزراء في لهوه وطربه , فأصابه غم كاتم , وهم
جاثم , فصرخ :
ألا موت يباع فأشتريه [] فهذا العيش ما لا خير فيه
إذا أبصرت قبراً من بعيد [] وددت لو انني مما يليه
ألا رحم المهيمن نفس حر [] تصدق بالوفاة على أخيه