جملة من المحرمات
ونقتصر هنا على الكبائر منها التي يكون تركها معياراً في العدالة المعتبرة في كثير من الموارد والتي ورد أن باجتنابها تكفر الصغائر، وقد نتعرض لغيرها تبعاً. والظاهر أن الكبائر هي الذنوب التي ثبت الوعيد عليها بالنار، أو التي ورد عدها من الكبائر في الأخبار، أو ما ثبت أنه أهم من بعض تلك الذنوب، وهي ـ بعد الشرك بالله تعالى والكفر بما أنزل ـ اُمور:
الأول: اليأس من روح الله تعالى والقنوط من رحمته، وإن كان الروح والرحمة دنيويين، كشفاء مريض وكشف كربة، فإنه على كل شيء قدير ورحمته وسعت كل شيء.
الثاني: الأمن من مكر الله تعالى، والمتيقن منه الأمن مع المعصية المناسب لعدم الارتداع عنها. أما الأمن لاعتقاد عدم تحقق المعصية أو غفران الذنب بتوبة أو شفاعة أو عمل فلم يثبت كونه كبيرة. نعم لا إشكال في أن ذلك مرجوح شرعاً، بل قد يكون محرّماً، فقد ورد الأمر بأن يكون المؤمن بين الخوف من الله تعالى والرجاء له. وفي الحديث عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «ارج الله رجاء لا يجرئك على معصية (معاصيه) وخف الله خوفاً لا يؤيسك من رحمته».
الثالث: عقوق الوالدين، والمتيقن منه الإساءة إليهما بمرتبة عالية تناسب القطيعة لهما ولا تناسب الصلة معهما. وأما غير ذلك فلم يثبت كونه من الكبائر وإن كان مرجوحاً شرعاً. بل قد يكون محرّماً.
(مسألة
: تجب إطاعة الوالدين والإحسان إليهما إذا كان تركها موجباً للعقوق والقطيعة عرفاً، ولا يجبان في غير ذلك.
(مسألة 9): إذا نهى الوالدان أو أحدهما الولد عن القيام ببعض الطاعات والقربات غير الواجبة، فلذلك صور:
الاُولى: أن يكون ذلك لحاجتهما للعون المشغل عن الطاعة والمزاحم لها. كما لو كانت الطاعة تقتضي صرف المال وكانا محتاجين للمال، أو كانت مشغلة للولد وكانا محتاجين لخدمته. والظاهر أن عونهما أفضل من الطاعة المزاحمة له حتى لو لم ينهيا عن تلك الطاعة. بل قد يجب عونهما، كما إذا كان تركه يعد تقصيراً في حقهما وعقوقاً لهما.
الثانية: أن يكون ذلك منهما لأمر يرجع للولد المنهي عن الطاعة، كالخوف عليه من الضرر أو على وقته من الضياع أو على ماله من التلف، فإن كانا محقين في ذلك أو احتمل كونهما محقين فيه فالراجح متابعتهما. وإن كانا مخطئين فلا ترجح متابعتهما، إلا أن يكون في مخالفتهما إيذاء لهما، فيرجح تجنبه ولو بالتكتم في مخالفتهما. كما تحسن محاولة إقناعهما ليعدلا عن موقفهما، لأن ذلك أحرى بالتوفيق وقبول العمل.
الثالثة: أن يكون ذلك منهما لعدم اهتمامهما بالطاعات لضعف تدينهما وبعدهما من الخير. وحينئذٍ ترجح مخالفتهما وإن آذتهما وآلمتهماً. لكن لابد مع ذلك من عدم مقابلتهما بغلظة وجفاء ونحو ذلك مما يرجع لسوء معاشرتهما، بل ينبغي الرفق معهما الذي هو حسن على كل حال.
الرابع: قتل المسلم المحترم الدم ومن يلحق به كالطفل والمجنون حتى السقط. وكذا الإعانة على ذلك ولو بكلمة. بل من الكبائر التعدي على المؤمن بالضرب بلا حق. كما يحرم التعدي عليه بكل وجه وإيذاؤه وإذلاله وسبه ونحو ذلك.
(مسألة 10): يحرم على الإنسان إيذاء جاره. ويستحب له الصبر على أذاه. كما يستحب الإحسان بالجار.
(مسألة 11): الأحوط وجوباً للمكلف أن لا يهجر المؤمن أكثر من ثلاثة أيام وإن كان ظالماً له. ويكفي في عدم الهجر الصلة ولو بالسلام، فإن أصر الطرف الآخر على المقاطعة كان هو الهاجر. ويستثنى من ذلك موارد:
الأول: ما إذا كان في الهجر نهي عن المنكر.
الثاني: ما إذا كان في الهجر فائدة يحسن مراعاتها شرعاً، كما إذا كان فيه تنبيه على حقيقة يحسن إظهارها، بحيث لو تمت المواصلة ضاعت الحقيقة ونسيت، أو غير ذلك من المحاذير.
الثالث: ما إذا لزم من الصلة الذل على من يصله. نعم ينبغي الحذر من تلبيس النفس والشيطان، لئلا يلتبس الغضب للنفس والتعصب لها بالذل.
(مسألة 12): يحرم قتل الإنسان نفسه، وهو من الكبائر.
الخامس: قذف المحصن والمحصنة، والمراد بالإحصان العفة والستر ولو لعدم ثبوت الفاحشة عليه. وما أكثر التهاون في ذلك والتسرع فيه مع شدة الوعيد عليه.
(مسألة 13): المراد بالقذف هنا وإن كان هو الفاحشة كالزنا واللواط، إلا أن الحكم يعم كل قبيح، فإن نسبته للبريء منه من البهتان الذي هو من الكبائر.
السادس: أكل مال اليتيم ظلماً، بل مطلق المؤمن.
السابع: الفرار من الزحف في حرب واجبة شرعاً.
الثامن: أكل الربا، وهو الفائدة المشروطة في الدين، وفاضل ما بين الثمن والمثمن عند بيع المكيل أو الموزون من جنس واحد، على ما يذكر مفصلاً في كتاب البيع.
(مسألة 14): كما يحرم الربا على الآكل يحرم على المعطي والكاتب والشاهد، والظاهر أنه من الكبائر في حق الكل.
التاسع والعاشر والحادي عشر: الزنا واللواط والسحق.
الثاني عشر: القيادة، وهي السعي بين اثنين لجمعهما على الوطء المحرّم.
الثالث عشر والرابع عشر: السحر والكهانة.
(مسألة 15): الظاهر جواز حل السحر بالسحر. والأحوط وجوباً الاقتصار على صورة لزوم الضرر من السحر وانحصار حله بالسحر.
(مسألة 16): الظاهر عدم جواز تصديق الساحر والكاهن وغيرهما ممن يخبر بالغيب، بل هو من الكبائر. ولا بأس بالسماع منهم لمجرد الاطلاع على ما عندهم في الواقعة واحتمال صدق خبرهم من دون تصديق وجزم بما أخبروا، وهكذا الحال في إخبارهم بالحوادث فإن كان إخباراً جازماً كان محرّماً، وإلا كان حلالاً.
الخامس عشر: الكذب، وخصوصاً على الله ورسوله والأئمة ـ ومنه الفتوى بغير علم ـ وشهادة الزور والبهتان على المؤمن بنسبة ما يشينه إليه كذباً.
فإن أضيف للكذب اليمين كانت كبيرة اُخرى، ولا سيما إذا كانت على أخذ مال مسلم ظلماً، حيث تضمنت بعض الأخبار أنها اليمين الغموس الفاجرة التي ورد في كثير من الأخبار عدها من الكبائر.
(مسألة 17): اليمين المذكورة وإن كانت محرمة، بل كبيرة إلا أنه لا كفارة عليها بل الخلاص من تبعتها بالتوبة والاستغفار.
(مسألة 18): لا يفرق في حرمة الكذب واليمين عليه وكونها من الكبائر بين الإخبار عن أمر سابق وحاضر ومستقبل، نعم إذا رجعت اليمين إلى تعهد صاحبها بفعل شيء أو تركه وجب الوفاء بها بالشروط المذكورة في كتاب الأيمان، فإن خالفها مع تمامية الشروط وجبت الكفارة. وإن لم تتم الشروط جاز مخالفتها من دون كفارة.
(مسألة 19): يجوز الكذب لدفع الضرر عن النفس والمال والأخ المؤمن. والظاهر توقفه على تعذر التورية ولو للخوف من ظهور الحال لعدم سيطرة المتكلم عليها.
(مسألة 20): يجوز الكذب للإصلاح ورفع الشحناء والتباغض بين المؤمنين، ولا يتوقف على تعذر التورية.
(مسألة 21): ذكر بعضهم أنه يجوز الوعد الكاذب على الأهل، والأحوط وجوباً الاقتصار على ما إذا كان لدفع الشر والفساد ولإصلاح الحال معهم أو بينهم، نظير ما تقدم.
السادس عشر: منع الزكاة المفروضة، بل حبس كل حق لله تعالى ـ كالخمس والزكاة ـ أو للناس، كالمماطلة في أداء الدين مع القدرة على الأداء.
السابع عشر: شرب الخمر وكل مسكر.
الثامن عشر: ترك الصلاة وغيرها من فرائض الإسلام، وهي الزكاة والصوم والحج.
التاسع عشر: نقض العهد.
العشرون: قطيعة الرحم، وهي ترك الإحسان إليه من كل وجه في مقام يتعارف فيه ذلك، فلا تصدق مع عدم تعارف الوصل، وكذا مع تعارفه والقيام ببعض وجوه الصلة ولو بمثل السلام.
(مسألة 22): تجوز قطيعة الرحم في موردين:
الأول: ما إذا كان فيها أمر بالمعروف أو نهي عن المنكر.
الثاني: ما إذا لزم من صلته الذل على من يصله. نعم ينبغي الحذر من تلبيس النفس والشيطان لئلا يشتبه على المكلف التعصب للنفس والغضب لها بالذل.
الواحد والعشرون: التعرّب بعد الهجرة، وهو الانتقال للبلاد التي تنقص فيها معارف المكلف الدينية ويزداد جهله بدينه.
الثاني والعشرون: السرقة.
الثالث والعشرون: أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهلّ به لغير الله، وهو ما ذكر عليه عند الذبح اسم غير الله تعالى من صنم أو نحوه.
الرابع والعشرون: القمار ولو من دون رهن، وهو كل لعبة ابتنت على المغالبة واخترعت لكسب المال، كلعب الورق والطاولي والدومنة والشطرنج.
(مسألة 23): كما يحرم اللعب بالشطرنج يحرم بيع آلاته وأكل ثمنه واتخاذ آلاته والاحتفاظ بها ـ ولو بغير الشراء ـ من أجل اللعب بها، كما يحرم التفرج على اللاعب بها والسلام عليه حال لعبه بها ما لم يقلد من يجوّز له ذلك، وكل ذلك من الكبائر.
الخامس والعشرون: أكل السحت، وهو المال الحرام بوجه مؤكد، كثمن الميتة والخمر وكل مسكر، وأجر الزانية والكاهن، وثمن آلات الشطرنج والجارية المغنية والكلب الذي لا يصطاد، ومال اليتيم، والربا بعد العلم، وما أصيب من أعمال الولاة الظلمة، وما أصيب بحكم قضاة الجور وإن كان الآخذ محقاً، والرشوة في الحكم ولو بالحق.
السادس والعشرون: البخس والتطفيف في المكيال والميزان. بأن يزن لنفسه أو يكيل بزيادة، ويزن لغيره أو يكيل بنقيصة.
السابع والعشرون: الولاية للظالمين، بل مطلق معونتهم سواء كانت بالعمل لهم والانتساب لأجهزتهم أم بالقيام بعمل خاص بأجرة أو جعالة أو نحوهما. نعم لابد في الحرمة من تبعية العمل لهم بما هم ظلمة بحيث يكون من شؤون ظلمهم وإن كان في نفسه محللاً لو لم ينتسب لهم. أما إذا لم يكن كذلك بل كان في شؤونهم الشخصية من دون أن يبتني على الانتساب لهم بما هم ظلمة ولا على الدخول في كيانهم فلا بأس به.
(مسألة 24): يستثنى من حرمة الولاية والمعونة للظالم ما إذا استكره على العمل أو كان الغرض منه نفع المؤمنين، على تفصيل لا يسعه المقام.
الثامن والعشرون: كون الإنسان ممن يتقى شره ويخاف لسانه.
التاسع والعشرون: التكبر، بالتعالي عن الناس والترفّع عليهم للبناء على أنه أرفع منهم.
الثلاثون: الإسراف والتبذير، وهو تجاوز الحد في الإنفاق بنحو يوجب إفساد المال من دون غرض عقلائي.
الواحد والثلاثون: المحاربة لأولياء الله والموادّة لأعدائه.
الثاني والثلاثون: الاشتغال بالملاهي، كضرب الأوتار والطبول والنفخ في المزامير وغير ذلك من الآلات الموسيقية، بالنحو المبني على التلذذ والطرب، على ما هو المعهود عند أهل الفسوق.
وليس المراد استعماله عندهم فعلاً. بل كل ما يبتني على التلذذ اللهوي بالخروج عن مقام الجد والواقع الحاضر إلى نحو من العبث المبني على التوجه لباطن النفس وتنبيه غرائزها وهز مشاعرها بالإيقاع الموسيقي إشباعاً لرغبتها في المزيد من الابتهاج أو التفجع أو الفخر أو الغرام أو غير ذلك حسب اختلاف الأغراض.
الثالث والثلاثون: الغناء، وهو الصوت المشتمل على المد بنسق خاص من شأنه أن يوجب الطرب مع قصد اللهو به، على النحو المعهود عند أهل الفسوق بالنحو المتقدم في الاشتغال بالملاهي.
(مسألة 25): كما يحرم الاشتغال بالملاهي والغناء يحرم الاستماع إليها بالنحو المناسب لمحاولة الانفعال بها، دون السماع العابر من دون انفعال.
الرابع والثلاثون: الإصرار على الصغائر، وهو فعلها استهواناً بها بحيث لا يستنكر الفاعل من نفسه فعلها.
الخامس والثلاثون: سب المؤمن وإذلاله وإهانته.
السادس والثلاثون: النميمة، وهي أن يحكي لشخص انتقاص غيره له.
السابع والثلاثون: الرياء، وقد تقدم بعض الكلام فيه في مسائل الوضوء.
الثامن والثلاثون: الغش للمؤمن، وهو إيهامه بالشيء على خلاف واقعه بنحو يقتضي وقوعه فيما لا يقدم عليه تجنباً لضرره الديني أو الدنيوي، من دون فرق بين الغش في البيع والشراء وغيره، حتى مثل مدح الخائن أمام شخص من أجل إيهامه بأمانته ليتورط معه ويستأمنه. أما مجرد إظهار الشيء على خلاف واقعه من دون أن يراد به ذلك فليس من الغش في شيء، أو هو غش غير محرّم.
التاسع والثلاثون: كتمان الشهادة، إذا كان المكلف قد طلب منه تحمل الشهادة. بل مطلقاً على الأحوط وجوباً.
الأربعون: الهجر، وهو الفحش من القول والبذاء فيه. وليس منه ما يكون بين الزوجين في مقام التلذذ منهما.
الواحد والأربعون: غيبة المؤمن، وهي انتقاصه والوقوع فيه وإعابته في غيبته. وإن كان في حضوره لم يكن غيبة وإن كان محرّماً.
(مسألة 26): ليس من الغيبة ذكر العيب لا بقصد الانتقاص والإعابة، ولا كشفه إذا كان مستوراً وإن كان ذلك محرّماً.
(مسألة 27): الظاهر اختصاص الغيبة بصورة سامع يقصد إفهامه، فمع ترديد ذلك وحده أو مع من لا يفهم كلامه لا تصدق الغيبة. نعم إذا كان المقصود من الذكر الإفهام مع عدم وجود سامع ـ كما في تسجيل الكلام ليسمعه الآخرون ـ كان محرّماً أيضاً وملحقاً بالغيبة.
(مسألة 28): لابد في صدق الغيبة من تعيين المغتاب الذي يعاب، فلو كان مبهماً غير معين لم تكن غيبة له، كما لو قال: بعض أهل البلد جبان أو أحد أولاد زيد بخيل. نعم قد يحرم من جهة اُخرى، كما لو لزم من ذلك توهين مؤمن.
(مسألة 29): تجوز الغيبة في موارد:
الأول: ما إذا كان العيب ظاهراً كالحدة والعجلة. لكن لابد من الاقتصار في الإعابة على ما يقتضيه العيب المذكور من دون تبشيع وتهويل، فضلاً عن إبداء ما ليس عيباً بصورة العيب، كالانتقاص بالهزال والفقر والسمرة ونحوها.
الثاني: غيبة المتجاهر بالفسق الخالع جلباب الحياء، ولو فيما لم يتجاهر فيه، أو أمام من هو متستر معه. والمراد بالتجاهر بالفسق التجاهر به أمام العامة، ولا يكفي التجاهر أمام خواصه الذين يفضي لهم بسره ويعرفون بواطن أمره.
الثالث: غيبة المظلوم للظالم، والظاهر اختصاصها بذكر ظلامته، دون بقية العيوب المستورة.
الرابع: غيبة المبدع في الدين، لإسقاطه عند الناس دفعاً لضرره. بل كل من يخاف ضرره على الدين إذا كان الخوف بنحو معتد به. لكن يقتصر في الثاني على مقدار الحاجة لدفع ضرره.
الخامس: غيبة الشخص لدفع الضرر عنه أو عن المتكلم أو عن مؤمن ثالث. نعم لابد من كون الضرر الذي يراد دفعه أهم من الغيبة بمقدار معتد به.
السادس: كل مورد تزاحم حرمة الغيبة فيه بتكليف مساوٍ لها في الأهمية أو أهم منها.
(مسألة 30): ذكروا من مستثنيات الغيبة نصح المستشير، بل مطلق النصح، وأداء الشهادة. لكن الأمرين لا يستلزمان الغيبة، وهي ذكر العيب قصد الانتقاص، إذ لا يتوقف الأمران على الانتقاص، بل يكفي فيهما بيان الواقع لا بقصد الانتقاص والإعابة. نعم هما قد يلازمان كشف ستر الشخص وهو محرّم كالغيبة.
ومن هنا يشكل جوازه في النصيحة، لإمكان تأدي الغرض ببيان رأي الناصح من دون تعرض للعيب الذي هو سبب ذلك الرأي.
نعم، لو توقف على بيان العيب عند النصيحة دفع ضرر مهم يعلم برضا الشارع بكشف ستر الشخص من أجله جاز، ولا ضابط لذلك. وأما أداء الشهادة فالظاهر جوازه إذا ترتب عليه إثبات حق الله تعالى أو حق الناس، كما في باب الحدود والضمانات والمعاملات، دون ما عدا ذلك، كالشهادة بفسق شخص مستور لمنع الناس من الصلاة خلفه.
(مسألة 31): يحرم سماع الغيبة إذا ابتنى على التجاوب مع المغتاب وتحقيق غرضه، لأن ذكر العيب لا يوجب انتقاص المقول فيه ما لم يكن هناك سامع يوجه الخطاب إليه، أما سماع الشخص لها من دون أن يوجه الخطاب إليه فلا بأس به. إلا أن يبتني على الرضا بها، لأن الراضي بعمل قوم يشركهم في تبعة عملهم.
(مسألة 32): يجب رد الغيبة والدفاع عن المقول فيه، إما بمحاولة بيان عدم كون الأمر المقول في الشخص الغائب نقصاً يعاب به، أو ببيان عذره فيما نسب إليه، ولا أقل من الردع عن الغيبة والنهي عنها، نعم من باب النهي عن المنكر لابد من عدم لزوم محذور شرعي أو عرفي في الرد المذكور. ومن أهم المحاذير خوف إغراق القائل في الغيبة والاستشهاد لصحة كلامه ولبيان أهلية الشخص لما قيل فيه دفاعاً عن موقفه وتعصباً له.
(مسألة 33): لابد في خروج المكلف من تبعة الغيبة ـ مضافاً إلى التوبة ـ من أن يحلله الشخص الذي اغتابه، فإن تعذر ذلك ـ ولو لخوف ترتب فساد على ذلك ـ فلابد من الاستغفار له، وهذا يجري في جميع موارد التعدي والظلم للعباد.